بيروت, لبنان - المقاتلين المتمردين في سوريا الذين طالما ادعوا تمسكهم بالاخلاقيات العيا في محاربتهم للديكتاتورية - يواصلون فقد الدعم الجماهير التي تشعر باشمئزاز من تصرفات بعض المتمردين ومنها المهام التي لا يخطط لها بشكل جيد , والتدمير الطائش, والسلوك الاجرامي وقتل السجناء بدم بارد.
التحول فى مزاج الجماهيرلا يمثل مجرد مشكلة علاقات عامة لمسلحي الجيش السورى الحر, الذين يعتمدون على مؤيديهم للنجاة من التفوق العسكري للحكومة.وانخفاض هذا الدعم سيقوض قدرة المتمردين علي القتال والفوز فيما أصبح حربا لاستنزاف مدمرة مما يديم العنف الذي اسفر عن مصرع حوالى 40,000 قتيل ووجود مئات الالاف فى مخيمات اللاجئين وفرار اكثر من مليون من منازلهم.
وقد تفاقمت عيوب المتمردين بعد أن تغيرت المعارضة من قوة من المدنيين والجنود المنشقين الذين حملوا السلاح بعد ان استخدمت الحكومة القوة المميتة ضد المحتجين سلميا الي قوة يغذيها المتطرفين الجهاديين. وقد أحدث التطرف انقساما بين مؤيدي المقاتلين وجعلت الدول الغربية تتردد في اعطاء المتمردين الاسلحة التي قد تساعدهم فى كسر الجمود. وبدلاً من ذلك،يحاول القادة الاجانب في العثور علي طرق غير مباشرة لمساعدتهم علي اسقاط الرئيس السورى بشار الاسد.
وفي الوقت الحالي بدأت الغطرسة والعثرات تستنفد حماس بعض المؤيدين الاساسيين للمقاتلين .
"كان من المفترض ان يكونوا هم الاشخاص الذين نعتمد عليهم فى بناء المجتمع المدنى " عبر ناشط مدنى اسمه في مدينة سراقب عن اسفه وسراقب هي مدينة تقع في شمال سوريا حيث تم تصوير شريط فيديو للمتمردين وهم يعدمون مجموعة من الجنود السوريين العزل وهي الفعلة التي اعلنت الامم المتحدة أتها تمثل جريمة حرب.
وقال أحد النشطاء في حلب الذي رفض ذكر اسمه الاول فقط وهو أحمد لاسباب امنية كما يفعل اغلب المقاتلين هنا الذين اجرينا معهم لقاءات انه توسل للمتمردين ألا يعسكروا فى حى مكتب الاتصالات. لكنهم فعلوا فدكتها قوات الحكومة وأغلقت خدمة الهاتف.
وذكر أحمد أن أحد المقاتلين أطلق النار فى الهواء عندما لم يسمح له زبائن المخبزبتجاوز الطابور الطويل للحصول علي الخبز . وقال ان شخصا اخر غضب غضبا شديدا عندما كان رجل يغسل سيارته وقام برشه بالماء دون قصد . قال احمد "لقد اطلق النار عليه. ولكن والحمد لله لم يلحق الرجل أي ضرر".
مرعشرين شهرا فيما أصبح الان حربا اهلية خيث كلا من مؤيدي الحكومة ومعارضيها محاصرون فى حالة من الياس القاتم , والاشمئزاز والخوف لان ايا من الطرفين لا يمكنه انهاء الصراع. وفى الاشهر الاخيرة, اعتمد كلا الجانبين علي أساليب وحشية - بل وحتى يائسة - فى محاولة لكسر الجمود, ولكنهما لم يحققا الا مجرد نسخة جديدة من الجمود. ويري كثير من السوريين أن شدة العنف هي مجرد عبث نتيجة لعدم توفر نتائج.
التحول الأكبر حدث بين مؤيدي المتمردين الذين كانوا يرددون شعارات تدين الحكومة ولكنهم الان ينتقدون المتمردين أيضا.
كانت الجماهير تهتف : "الشعب يريد اصلاح الجيش السورى الحر . نحن نحبكم صححوا مساركم".
وقد أدت الأعمال الصغيرة التافهة والفظائع مثل عمليات الاعدام أن الكثير من السوريين بدأو يعتقدون ان بعض المتمردين فاسدين مثل الحكومة التي تحاربونها. فقد قال الناشط الذي من مدينة سراقب انه شاهد المتمردين يجبرون جنود الحكومة علي الخروج من مصنع للحليب ثم دمروه رغم حاجة السكان للحليب وعلاقتهم الجيدة بالمالك.
وقال الناشط : "قصفوا المصنع وسرقوا كل شئ. .هذه افعال بشعة".
و حتى بعض من اشد المؤيدين للانتفاضة في البداية بدأوا يخشون أن تؤول معاناة السوريين الذين فقدوا ارواحهم وتفتت نسيجهم الاجتماعى, ودمر تراثهم الي العدم.
"كنا نعتقد أن الحرية قريبة جدا" قال مقاتل يطلق على نفسه اسم ابو احمد وصوته يملأه الحزن وهو يتحدث عبر سكايب الشهر الماضى من مدينة معرة النعمان, وهى بلدة استراتيجية على الطريق السريع بين حلب ودمشق. وقبل ذلك بساعات انتهي احدي انتصارات المتمردين هناك الى كارثة حيث أدت الضربات الجوية التابعة للحكومة بضرب المدنيين العائدين الي ما اعتقدوا انه كان مكانا امنا.
"هذا يثبت أنه كان كذبة كبيرة " قال ابو احمد متحدثا عن حلم الحكم الذاتى الذي قال أن هذا الحلم هو ما دفعه الي قيادة مجموعة صغيرة من المقاتلين المتمردين من قريته المجاورة( سمبل) . "لن نتمكن من تحقيق الحلم .ولن نستطيع حتى التفكير في الديمقراطية - سنشعر بالسنوات. فتحن نفقد ضحايا من الجانبين".
سلسلة من الكوارث اذكت الاشمئزاز والاحباط على كافة الاطراف كما أظهرت عشرات من المقابلات مع السوريين.
فى شهر يوليو قتل قصف المتمردين اربعة مسؤولين كبار فى أحد الأبنية التي بها حراسة مشددة في دمشق مما أدي الي انعدام الامن لدي انصار الحكومة.وأثار تزايد استخدام المتمردين للقنابل الكبيرة التي تقتل المارة الي اثارة المخاوف في كلا الجانبين.
وأدت الهجمات التي لم يخطط لها بشكل جيد التى شنها المتمردون الي عواقب وخيمة. ففى شهر سبتمبر, شن المتمردون هجوما على حلب أكبر المدن السورية وهي المدينة القديمة التى بقيت لعدة قرون تراثا يفخر به جميع السوريين.وفشل القتال فى تحقيق نقطة التحول التي وعد بها المتمردين.
وفى محاولة من الحكومة للحد من انشقاق الجنود وتخفيف الضغط على الجيش لجأت الابقاء علي مزيد من القوات في القواعد العسكرية واستخدمت القوات الجوية والمدفعية . بيد ان التغيير فى الاستراتيجية لم يعيد السيطرة او الامن.
بعد أن شاهد أحد سائقي التاكسي الذي يعمل لدي أحد رجال الاعمال الاثرياء تفجير للمتمردين و هجومهم بالاسلحة الخفيفة على مبنى للحكومة في وسط مدينة دمشق , اشتكي أن الاجراءات الامنية جعلته "يعيش في خوف" - دون أن يكون لها أي فعالية.
وقال السائق : "اريد شخصا من الحكومة يجاوبنى .الحكومة لا تستطيع حماية المبانى العسكرية والامنية الرئيسية، فكيف تحمينا وكيف تدير البلاد؟"
وحتى داخل أكثر القواعد الشعبية الراسخة المؤيدة للأسد المتمثلة في الاقلية العلوية يوجد شعور بالسخط تحول في الشهر الماضى الي اشتباكات بدات فى مقهى في القرية التي تنتمي اليها قبيلة الرئيس بقرية القرداحة .البعض شعر برجة مؤخرا بسبب الخسائر الفادحة فى الارواح فى صفوف الجيش والميليشيات حسب قول فادى سعد الذى يدير صفحة علي الفيسبوك تسمى العلويين فى الثورة السورية.
من جانب المتمردين أدت معركة حلب الي زيادة الغليان والاحباط بين الناشطين المدنيين الذين يشعرون بهيمنة المسلحون عليهم. وقالت احدي الناشطات في حلب انها التقت مع مقاتلينلتقترح عليهم سبل قطع الطرق علي امداد الحكومة لتحول دون تدمير المدينة دون جدوى. وسألهم الناشطة قائلة :"لقد خاطرتم بحياة الناس?"وأضافت . "الجيش السورى الحر فقط يقلم اظافر النظام. نريد نتائج".
ويقول قادة الجيش السورى الحر أنهم ملتزمون بالمعايير الاخلاقية ويتهمون الحكومة بارتكاب الغالبية العظمي من الانتهاكات ويلقون باللوم علي الجماعات المارقة بين المتمردين ترتكب الحماقات .
ولكن هذا لم يخفف الاشمئزاز لذي سببه مقطع الفيديو في الاسبوع الماضى والذي يظهررجالا جاثمين على الارض يحملقون ويصرخون فى رعب والمتمردين يقفون فوقهم يصبون عليهم الاوامر والشتائم. انهم لا يتحركون كوحدة عسكرية بل كعصابة يتزاحمون ويتجمهرون ويركلون السجناء ويجبرونهم الى عمل كومة من اجسادهم.و فجاة, اطلاقوا عليهم النار من اسلحة رشاشة غطت علي صوت الضوضاء . ولا يزال ركام الغبار يتصاعد حتى الان.
وقال أنا أحد موظفي البنوك حول الواقعة : "كل الاشياء القبيحة التي كان النظام يمارسها الجيش السوري الحر يمارسها كما هي" .
والقت باللوم على الحكومة لعدم اتخاذ القرارات التي تمنع هذه الانتهاكات ضد المجتمع, ولكنها قالت ان المتمردين ليسو افضل حالا. وقالت "انهم يجهلون استخدام السلاح".
وفي مدينة معرة النعمان وبعد الضربات الجوية قال المقاتل أبو أحمد الذي يشعر بخيبة الامل ان السوريين سيبكون عندما يرون الدمار في مدينة "الشاعر والفيلسوف الشهير ابوالعلاء المعري" الذي ولد فى القرن العاشر, ودفن فى البلدة
وقال ابو احمد انه وجد متحف الفسيفساء فى المدينة قد نهب وتناثرت عليه جثث الجنود والمتمردين. وقال "رايت جثثا لكلا من المتمردين و القوات النظامية وشاهدت زجاجات البيرة. بصراحة بصراحة الكلمات عالقة فى فمي".
http://www.nytimes.com/2012/11/09/world/middleeast/in-syria-missteps-by-rebels-erode-their-support.html?pagewanted=2&ref=middleeast&_r=0