الرياض، المملكة العربية السعودية - على مدى شهوركانت المملكة العربية السعودية وقطر تضخ الأموال والأسلحة الصغيرة للمتمردين في سوريا لكنهم رفضوا امدادهم بالاسلحة الثقيلة، مثل الصواريخ التي تطلق من الكتف، والتي قد تسمح لمقاتلي المعارضة باسقاط الطائرات الحكومية، ووتدمير المركبات المدرعة وتغيير حالة المد والجزر للحرب.
وقال مسؤلين في كلا البلدين أنه وفي حين يطالبون علنا بتسليح المتمردين تراجعوا مرة أخرى من ناحية لأن الولايات المتحدة أثنتهما عن ذلك لأنها تخشى ينتهي المطاف بالأسلحة الثقيلة أنتقع في أيدي الإرهابيين. ونتيجة لذلك أصبح المتمردين يمتلكون اسلحة تكفي للحفاظ على حالة الجمود واستمرار الحرب وانضمام المزيد من المسلحين الجهاديين الى المعركة كل شهر.
"يمكنك أن تعطي للمتمردين أسلحة من نوع اسAKs، ولكنك لا يمكنك أن توقف جيش النظام السوري بأسلحة من نوع اسAKs"، قال خالد العطية، وزير الدولة للشؤون الخارجية في دولة قطر. وأضاف أن توفير الاسلحة الثقيلة لمتمردين "يجب أن يحدث، . ولكننا بحاجة أولا إلى دعم الولايات المتحدة، ويفضل الأمم المتحدة"
وقال مسؤولون سعوديون هنا ان الولايات المتحدة لا تمنعهم من تقديم صواريخ محمولة على الكتف، ولكنها تحذرمن المخاطر. وقال السعوديين والقطريين انهم يأملون في اقناع حلفائهم بامكانية التغلب على هذه المخاطر. "نحن نبحث في طرق لوضع الممارسات لمنع هذا النوع من الأسلحة من الوقوع في الأيدي الخطأ"، قال مسؤول عربي، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته تماشيا مع البروتوكول الدبلوماسي.
الدعم الأميركي لنقل هذه الأسلحة من غير المرجح أن يتحقق في أي وقت قريب. فقد صرحت إدارة أوباما أنه لا يوجد لديها الرغبة في تعميق جهودها التي تتمثل في الغالب في توفير الدعم اللوجستي في الغالب للمتمردين.
ورفض المسؤولون في الادارة المريكية التعليق ما يقولونه لحلفائهم في الخليج العربي حول تسليح المتمردين. "اننا نفعل ما نراه مناسبا لمساعدة المعارضة غير المسلحة لتكون أكثر فعالية والعمل عن كثب مع المعارضة للتحضير لمرحلة انتقالية"، قالت وزارة الخارجية ردا على سؤال حول هذا الموضوع.
يبدو صدور قرار من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بالتدخل في سوريا، حيث يسد الفيتو من روسيا والصين الطريق علي أي تدخل ، أقل احتمالا. ومن غير المتوقع أن تثمر الدعوة إلى عمل عربي عسكري وهو ما أعرب عنه قبل أسبوعين أمير قطر في الجمعية العامة للأمم المتحدة، أن تؤتي ثمارها.
ويخشي العديد من المسؤولين السعوديين والقطريين الآن أن يؤدي القتال في سوريا الي إيقاظ العداوات الطائفية العميقة وأن منع مثل هذا التدخل، يمكن أن يتحول إلى جهاد شعبي لا يمكن السيطرة عليه حيث تصبح عواقبه البعيدة أكثر تهديدا للحكومات العربية من الحرب الأفغانية في 1980s.
واضاف "اذا ظل القتال، لن يستمع الشباب إلى أصوات الحكمة"، قال سلمان العودة، أحد أبرز رجال الدين في هذا البلد ، في مقابلة في مكتبه هنا. "وسوف تجد شخص ما يشجعهم، وسوف يذهبون".
بالفعل، هناك علامات على جود زيادة طفيفة في عدد الشبان الذين يعبرون الحدود بشكل غير قانوني إلى سوريا من المملكة العربية السعودية والبلدان الاسلامية الأخرى ، ووجود جهود خاصة لجمع الأموال في منطقة الخليج للمساعدة في الحصول على الاسلحة الثقيلة للمتمردين . وامتد القتال أيضا إلى تركيا التي قصفت سوريا لمدة أربعة أيام الاسبوع الماضي بعد القذيفة السورية التي قتلت خمسة مدنيين التركية.
المملكة العربية السعودية منذ فترة طويلة على علاقة عدائية مع حكومة الرئيس بشار الأسد في سوريا، وترى في نفسها حامية الأغلبية السنية في سوريا في بلد تحكمه الأقلية العلوية التي ينتمي لها الأسد. ولكن احتمال نشوب حرب أهلية طائفية متزايدة في سوريا أمر مقلق للغاية للكثيرين هنا، حيث ولد الجهاد الأفغاني جيلا من المتعصبين الذين خاضوا المعارك وعادوا الى أوطانهم وشنوا تمردا دمويا تمت السيطرة عليه مؤخرا.
"الحكومة لا تريد تكرار التجربة مع الاشخاص الذين ذهبوا إلى أفغانستان والعراق"، قال مشاري آل الزيدي وهو كاتب سعودي وخبير في الحركات الجهادية. "كان الضرر الذي لحق بالمملكة العربية السعودية من تنظيم القاعدة أسوأ من الضرر الذي لحق بالولايات المتحدة الأمريكية"
في مايو أعلنت مجموعة من رجال الدين السعوديين المحافظين، بما في ذلك بعض الذين دعوا للمتطوعين للقتال في العراق، عن حمله علي الفيسبوك لجمع الأموال لدعم المتمردين السوريين.وبعد أيام نشروا رسائل تقول ان الحكومة منعتهم من إرسال التبرعات.
وانتقد بعض رجال الدين قيود الحكومة، ومن ضمنهم السيد عودة، الذي أرسل إنذارا واضح على تويتر: "لا يمكن أن تقتصر التبرعات لسوريا على هذا الطريق أوتلك، وأولئك الذين يرغبون في تقديم الدعم سيجدون الوسيلة."
يجب على الحكومة السعودية أيضا أن تتعامل مع المطالب الشعبية المتزايد للتحرك بشكل أكبر للدفاع عن المتمردين ضد الحكومة السورية التي ينظر اليها هنا على نطاق واسع باعتبارها وكيل لعدو المملكة العربية السعودية اللدود إيران. يكمن وراء هذه التصدعات السياسية العداء الطائفي الشديد :للسعوديون الغاضبون على نحو متزايد من سوء معاملة النظام العلوي للمسلمين السنة في سوريا .
"هناك غضب عميق"، قال عبد العزيز الجاسم، وهو محام بارز في الرياض والمعروف بتوجهه الاصلاحي. واضاف ان "الناس يريدون من الحكومة أن تفعل أكثر من ذلك." وأضاف أنه نادرا ما يتفق الليبراليين والمحافظين في السعودية علي الدعوة لمزيد من المشاركة على الرغم من أن هذه الدعوة تكون أكثر وضوحا علي تويتر من وسائل الاعلام التقليدية.
وقال السيد جاسم أن هناك بالفعل شبكات تمويل اسلامية إقليمية قد نشأت ،. "هذه قنوات خاصة حيث من ناس في الكويت وقطر، وأنت لا تستطيع السيطرة عليهم - هناك علاقات تجارية عميقة في منطقة الخليج،" قال. "والغالبية العظمى منهم من داخل الحركة الإسلامية، وذلك لأن الحركات الأكثر علمانية أو أكثر قومية في سوريا ليس لها أي علاقة مع المجتمع السعودي."
والنظامان السعودي والقطري لا يلوموا سوى انفسهم ، إلى حد ما، وذلك المحطات الفضائية العربية التي يسيطرون عليها - فقناة العربية والجزيرة على التوالي - قد فعلت أكثر من أي وسيلة اعلام أخرى لتصعيد الغضب ضد الحكومة السورية والتعاطف مع المتمردين. وكلا المحطتين متهمتان أنهما أبواق للمتمردين، وتلعبان على المخاوف الطائفية والأحقاد.و في احدي الدعايات الأخيرة عرضت قناة العربية بشكل متكرر مشهدا لرجل يعتصره الألم ويحمل طفلا جريحا ويصرخ أمام الكاميرا: "أطفالنا يموتون بسبب الفتاوى الإيرانية!"
الحكومة السعودية لم تعترف رسميا بتوفير الأسلحة للمتمردين، ويصرحون للجمهور أن مساعداتها كانت دعما خيريا، ومن ضمنها حملة التبرعات للاجئين السوريين التي حظيت بكثير من الدعاية خلال شهر رمضان المبارك . ودفعت الحكومة أيضا رواتب العديد من الضباط السوريين المنشقين في شهري يوليو وأغسطس وقدمت الاموال لتوفير المساعدات الطبية للاجئين السوريين.
ولكن المتمردون السوريين في مدينة أنطاكيا التركية الحدودية تحدثوا في الشهر الماضي عن الوسطاء القطريين والسعوديين الذين يقومون بتوزيع الأسلحة نيابة عن حكوماتهم. ويقال أن المورد السعودي الرئيسي شخصية لبنانية اسمه عقاب صقر، الذي ينتمي إلى الائتلاف السياسي الحليف للمملكة العربية السعودية في لبنان، سعد الحريري.
"إن المبالغ ليست بهذا القدر"، قال ميسرة، 40 عاما، وهو قائد للمتمردين في بلدة سراقيب الشمالية و الذي حجب اسمه الأخير لأسباب تتعلق بالسلامة. " الأسلحة تصل مرة واحدة كل بضعة أسابيع."وقال أنه في احدي الشحنات التي وصلت مؤخراتلقي لواء مقاتل مكون من 200-رجل بنادق من نوعAS صناعة روسية ، والآلاف من طلقات الذخيرة.
وأضاف ميسرة أن السيد صقر كان يبدو عليه أنه يبزل مجهودا كبيرافي المسائل المتعلقة بتوصيل الامدادات ، وأنه رأى ذات مرة السيد صقر يسأل المتمردين عن اسم وعلاقات تاجر أسلحة من يوغوسلافيا السابقة كان يسعي الي لقائه . .فالحصول علي الاسلحة وتوزيعها في مثل هذه البيئة الفوضوية هي أمر شاق، والمتمردين حريصون علي عدم تسلل عناصر من مخابرات الحكومة السورية سيئة السمعة.
وقال ميسرة أنه يبدو أن الحكومة السعودية تسعي لتمويل الجماعات المتمردة الأكثر علمانية، ، في حين أن القطريين يبدون أقرب إلى الإخوان المسلمون. ولكن هذه الفروق هي هي فروق صعبة، ويرجع ذلك جزئيا الي أن الجماعات المتمردة تكيف هوياتها لكسب المال والسلاح. فاحدي الجماعات ، في محاولة للحصول على الدعم بشكل يكاد يكون كوميديا، أطلقت على نفسها اسم لواء رفيق الحريري، نسبة الي رئيس الوزراء السابق وحليف السعودية اللبناني الذي يعتقد أنه قد تم اغتياله علي يد السوريين، والذي لعب ابنه سعد دورا مؤثرا في توصيل الدعم السعودي للمتمردين.
وقال السيد عودة، رجل الدين السعودي، أن التقارير الاخبارية عن حالة الفوضى على الحدود بين تركيا وسوريا قد أصبحت الشكوي الرئيسية في المملكة العربية السعودية.
وقال : "الناس ينشرون الشائعات أن الناس داخل سوريا لا يحصلوا على أي شيء تقريبا مما يرسل اليهم وأن أولئك الذين يديرونها لا ليس لديهم الخبرة الكافية للتعامل مع هذا." وأضافأن هذه التقارير زادت من رغبة الكثير من السعوديين أن يتولوا ادراة الأمور بأيديهم وانشاء قنوات جديدة للتواصل مع المتمردين.
http://www.nytimes.com/2012/10/07/world/middleeast/citing-us-fears-arab-allies-limit-aid-to-syrian-rebels.html?pagewanted=2&_r=3&smid=tw-share