عفرين، سوريا- هذه المدينة الهادئة في شمال غرب سوريا هي ملاذا من الحرب التي تهز أرجاء البلاد، ولكن هذه البقاع الهادئة ستمثل تحديا كبيرا للبلاد - والمنطقة بأسرها - عندما ينتهي القتال
الحراس المسترخيين على الحواجز هم من الميليشيات الكردية. الرجل ذو الشارب الكث الذي يحيي الزوار هو صورة عبد الله أوجلان الذي يقضي عقوبة السجن مدى الحياة في سجن تركي لدوره القيادي في حزب العمال الكردستاني، وهي جماعة تعتبرها تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منظمة إرهابية .
هنا، يتم على نطاق واسع الأشادة بحزب العمال الكردستاني كحزب يمثل طليعة القومية الكردية، وهي الحركة التي زعزعت الاستقرار في بلدان المنطقة لعقود. وفي الأشهر الأخيرة صنفت عملية "التحرير" للمجتمعات الكردية السورية مثل عفرين كواحدة من النتائج غير المتوقعة والاوسع نطاقا من التمرد السوري.
وتمثل سيطرة الأكراد علي الاوضاع هنا مأزقا لحركة الثوار السوريين السنية التي يقودها العرب الذي لديهم علاقات متوترة مع الأكراد، . كما أن علاقتهم بتركيا مضطربة، وقد أطلقت تركيا هذا الأسبوع مدفعيتهاعلى سوريا بعد سقوط قذائفبالخطأ كما يبدو عبر الحدود التركية وأدي القصف الي مقتل بعض القرويين .ويبدو أن لدي تركيا التي تعتبر قوة إقليمية وعضو في حلف الناتو يبدو قليل من الخيارات .
يوضح القصف عبر الحدود كيف انهارت علاقة تركيا مع الأسد الذي كان يضبط الأكراد في سوريا ،. لكن ضعف الأسد واحتمال سقوطه من السلطة يمثل احتمالا يثير الفزع لدي تركيا حيث ستصبح: رقعة من شمال سوريا تحت سيطرة حزب العمال الكردستاني.
لقد شنت تركيا حربا طويلة ودموية ضد الجماعة الكردية على أراضيها، وعانت من الارتفاع الأخير في هجمات حزب العمال الكردستاني. وقد هدد رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان بالهجوم على المناطق الكردية في سوريا إذا أصبحت ملاذا لحزب العمال الكردستاني فثلث المقاتلين فيها ، وفقا لدراسة حديثة ، هم من أصل سوري.
يبدوالصراع في الوقت الراهن بعيدا عن المدن الكردية مثل هذا المحور الزراعي، والمشهور بالزيتون والرمان وتنتشر به التلال الصخرية ويضم بقايا المعابد الرومانية للفترة المسيحية المبكرة وقلاع القرون الوسطى.
بينما المعارك علي أشدها في حلب، حوالي 40 كيلومتر إلى الجنوب الشرقي، تنتعش الأسواق هنا، وفي المساء يرتشف الرجال شراب العرق في المطاعم،وهو شراب خمور بطعم اليانسون يتحول الي لون غائم عند مزجه مع الماء والثلج .
انسحبت قوات الأسد تدريجيا وانتهي بها المطاف بالانسحاب شبه الكامل في يوليو وتم ذلك دون أن تطلق رصاصة واحدة كما يقول الزعماء الاكراد.
واضاف "اننا لم نتكبد قطرة دم واحدة" تفاخر عطوف عبده، منسق حزب الاتحاد الديمقراطي، وهو حليف مقرب من حزب العمال الكردستاني والفصيل الكردي المهيمن هنا.
أصبحت المدن العربية التي يسيطر عليها المتمردون مثل عزاز والباب ساحة للمعارك كئيبة وخالية من السكان وتحولت الي مدن أشباح مليئة بالركام والحطام حيث هرعمن تبقي من السكانبحثا عن مكان امنعندما تحلق الطائرات المقاتلة فوقهم . ولكن الأدلة الرئيسية علي الحرب المستعرة هنا يتمثل في الآلاف من اللاجئين العرب الموجودين في مكان قريب من هنا، ومعظمهم من النساء والأطفال. ويقول زعماء الاكراد أنهم يرحبون بالسوريين غير المقاتلين، ولكنهم يطردون المتمردين المسلحين.
كانت التطلعات الكردية لمزيد من الحكم الذاتي، أو الاستقلال التام تثيرالقلق لدي تركيا وسوريا والعراق وإيران.
سوريا لديها رسميا اكثر من 2 مليون كردي، حوالي 10% من سكان البلاد. ويزعم بعض النشطاء الاكراد أن العدد الحقيقي يقترب من 20% .
وقتل على الأقل 4،000 الأكراد السوريين خلال قتالهم مع حزب العمال الكردستاني، وفقا لنشطاء أكراد هنا.
العديد من المسؤولين الأتراك يرون حزب الاتحاد الديمقراطي كجبهة من جبهات عدوهم اللدود حزب العمال الكردستاني ليس أكثر . بعض المسؤولين الاتراك يعتبرون انسحاب الحكومة السورية استراتيجية متعمدة منالاسد لتشجيع المتعاطفين مع حزب العمال الكردستاني لتوجيه ضربات لتركيا للرد على دعم انقرة للتمرد .وترفض القيادات الكردية هنا التلميحات أنهم يتعاونوا مع الأسد.
وقال ممثلو الأكراد هنا أنهم يسعون للحصول علي قدر من الحكم الذاتي داخل سوريا، وليس الاستقلال.فطبيعة أكراد سوريا المتبعثرة - فأكثر السكان كثافة يعيشون علي بعد ما يقرب من 300 كيلومتر إلى الشرق من عفرين - مما يجعل اقامة دولة كردية منفصلة أمرا غير محتمل. الهدف الاول الذي تسعي اليه القيادة الكردية هو ان تبدأ رسميا بتعليم اللغة الكردية في المدارس.
"نحن نبحث عن دولة ديمقراطية تعددية وعزل الدولة عن الدين"، قال مصطفى حسين، وهو ناشط هنا وعضو في المجلس الوطني الكردي، وهي جماعة شاملة.
انعدام الثقة المتبادل يميز العلاقات بين الأكراد والأغلبية العربية السنية في سوريا. فالأكراد يقولون انهم واجهوا التمييز أيضا خلال جزء كبير من عهد عائلة الأسد العلوية التي تعتبر احدي الفرق الشيعية الذي زاد عن 40-عاما.
بمجرد اندلاع ال تمرد في سوريا في مارس 2011، سعتا ادارة الأسد لاسترضاء الأكراد، في محاولة لاظهار الحكومة كمدافع عن الأقليات. ومع ذلك، اتهم الكثير من الاكراد الحكومة باغتيال الناشط الكردي المعروف مشعل تمو المؤيد للديمقراطية العام الماضي، .
يقول مسؤولون أكراد انهم يتعاطفون مع الجهود الرامية إلى الإطاحة بالأسد. ولكن يسودهم الحذر من مسألة القومية العربية بشكل عام، وما يراه العديد هنا الوجه الاسلامي للتمرد السوري. الأكراد، مثل معظم السوريين، هم في الغالب من المسلمين السنة، ولكن نشطاء أكراد يقولون ان المنطقة هنا لديها تقاليد العلمانية قوية .
"بسبب استمرار الثورة لفترة طويلة، أصبح الباب مفتوحا للفكر المتطرف"، قال حسين عضو المجلس الوطني الكردي.
يري الكثير من الاكراد في الجيش السوري الحر ومؤيديه من جماعة الإخوان المسلمين ، وحركة القومية العربية السياسية، عدوا لتطلعاتهم.
نقاط التفتيش التي وضعها رجال الميليشيات الكردية تصطف علي جانبي الطرق وتمنع الوصول إلى قوات المتمردين. تم الكردية وتتلقي حدات "الدفاع عن النفس" الكردية التدريب العسكري الأساسي في منطقة كردستان شبه المستقلة في العراق.
ويوفر حزب الاتحاد الديمقراطي الخدمات الشرطية وغيرها من الخدمات وتسيطر على البنية التحتية مما يثير إلى حد ما استياء الجماعات الكردية الاخرى. حزب الاتحاد الديمقراطي هو الفصيل الكردي الأكثر تسلحا، يواجه اتهامات باستخدام تكتيكات الذراع القوية لاخماد منافسه الفصائل الكردية، وهو ينفي هذه الادعاءات بشكل عام.
وعندما سألت محمد جرماس (42 عاما) وهو مدرس وعضو في حزب الاتحاد الديمقراطي عن الثورة لاسقاط الأسد أجاب "إن نضالها نضال مشروع ، ولكنه فوضوي قليلا. هذه ليست معركتنا في الوقت الحالي."
يري القادة الأكراد أن سقوط الاسد مسألة وقت، و يستعدون لما يرونه حتما تدافعا عنيفا على السلطة بين الفصائل السنية العربية المختلفة، وكلها معادية لتطلعات الحكم الذاتي للاكراد ..
"لن تتردد في الدفاع عن حقوق الشعب الكردي"، كما يقول عبده، منسق حزب الاتحاد الديمقراطي هنا. "إن تسليح الشعب الكردي هو الواقع، في كل قرية كردية، وسوف ندافع عن أنفسنا."
http://www.latimes.com/news/nationworld/world/middleeast/la-fg-syria-kurds-20121006,0,7524012.story
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق